الثلاثاء، 23 أغسطس 2022

هل أكل الحرام وتناوله على أي وجه كان محرم ام جائز


أكل الحرام وتناوله على أي وجه كان؟؟!!

قال الله عز وجل ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أي لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني باليمين الباطلة الكاذبة يقتطع بها الرجل مال أخيه بالباطل والأكل بالباطل على وجهين أحدهما أن يكون على جهة الظلم نحو الغصب والخيانة والسرقة والثاني على جهة الهزل واللعب كالذي يؤخذ في القمار والملاهي ونحو ذلك وفي صحيح البخاري أن رسول الله قال إن رجالا يتخوضونن في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة وفي صحيح مسلم حين ذكر النبي الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك وعن أنس رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال يا أنس أطب كسبك تجب دعوتك فإن الرجل ليرفع اللقمة من الحرام إلى فيه فلا يستجاب له دعوة أربعين يوما وروى البيهقي بإسناده إلى رسول الله قال إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وأن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ولا يكسب عبد مالا حراما فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق منه فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولكن يمحو السيء بالحسن وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله الدنيا حلوة خضرة من اكتسب فيها مالا من حله وأنفقه في حقه أثابه الله وأورثه جنته ومن اكتسب فيها مالا من غير حله وأنفقه في غير حقه أدخله الله تعالى دار الهوان ورب متخوض فيما اشتهت نفسه من الحرام له النار يوم القيامة وجاء عنه أنه قال من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله من أي باب أدخله النار وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال لأن يجعل أحدكم في فيه ترابا خير من أن يجعل في فيه حراما وقد روي عن يوسف بن أسباط رحمه الله قال أن الشاب إذا تعبد قال الشيطان لأعوانه انظروا من أين مطعمه فإن كان مطعم سوء قال دعوه يتعب ويجتهد فقد كفاكم نفسه إن اجهاده مع أكل الحرام لا ينفعه ويؤيد ذلك ما ثبت في الصحيح من قوله عن الرجل الذي مطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك وقد روي في حديث أن ملكا على بيت المقدس ينادي كل يوم وكل ليلة من أكل حراما لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا الصرف النافلة والعدل الفريضة وقال عبدالله بن المبارك لأن أرد درهما من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف ومائة وجاء عن النبي أنه قال من حج بمال حرام فقال لبيك قال ملك لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك وروى الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله أنه قال من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم من حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه وقال وهب بن الورد لو قمت قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك أحلال أم حرام وقال ابن عباس رضي الله عنهما لا يقبل الله صلاة امرئ وفي جوفه حرام حتى يتوب إلى الله تعالى منه وقال سفيان الثوري من أنفق الحرام في الطاعة كمن طهر الثوب بالبول والثوب لا يطهره إلا الماء والذنب لا يكفره إلا الحلال وقال عمر رضي الله عنه كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال قال رسول الله لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام وعن زيد بن أرقم قال كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج أي قد كاتبه على مال وكان يجيئه كل يوم بخراجه فيسأله من أين أتيت بها فإن رضيه أكله وإلا تركه قال فجاءه ذات ليلة بطعام وكان أبو بكر صائما فأكل منه لقمة ونسي أن يسأله ثم قال له من أين جئت بهذا فقال كنت تكهنت لأناس بالجاهلية وما كنت أحسن الكهانة إلا أني خدعتهم فقال أبو بكر أف لك كدت تهلكني ثم أدخل يده في فيه فجعل يتقيأ ولا يخرج فقيل له إنها لا تخرج إلا بالماء فدعا بماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى قاء كل شيء في بطنه فقيل له يرحمك الله كل هذا من أجل هذه اللقمة فقال رضي الله عنه لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها إني سمعت رسول الله يقول كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به فخشيت أن ينبت بذلك في جسدي من هذه اللقمة وقد تقدم قوله لا يدخل الجنة جسد غذي بحرام وإسناده صحيح قال العلماء رحمهم الله ويدخل في هذا الباب المكاس والخائن والزغلي والسارق والبطال وآكل الربا وموكله وآكل مال اليتيم وشاهد الزور ومن استعار شيئا فجحده وآكل الرشوة ومنقص الكيل والوزن ومن باع شيئا فيه عيب فغطاه والمقامر والساحر والمنجم والمصور والزانية والنائحة والعشرية والدلال إذا أخذ أجرته بغير إذن من البائع ومخبر المشتري بالزائد ومن باع حرا فأكل ثمنه فصل روي عن رسول الله أنه قال يؤتى يوم القيامة بأناس معهم من الحسنات كأمثال جبل تهامة حتى إذا جيء بهم جعلها الله هباء منثورا ثم يقذف بهم في النار فقيل يا رسول الله كيف ذلك قال كانوا يصلون ويصومون ويزكون ويحجون غير أنهم كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه فأحبط الله أعمالهم وعن بعض الصالحين أنه رؤي بعد موته في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال خيرا غير أني محبوس عن الجنة بإبرة استعرتها فلم أردها فنسأل الله تعالى العفو والعافية والتوفيق لما يحب ويرضى إنه جواد كريم رؤوف رحيم موعظة عباد الله أما الليالي والأيام تهدم الاجال أما مآل المقيم في الدنيا إلى الزوال أما آخر الصحة يؤول إلى الاعتلال أما غاية السلامة نقصان الكمال أما بعد استقرار المنى هجوم الآجال أما أنبئتم عن الرحيل وقد قرب الانتقال أما بانت لكم العبر وضربت لكم الأمثال وعزيز ناعم ذل له كل صعب المرتقى وعر المرام فكساه بعد لين ملبس خشنا بالرغم منه في الرغام ووجوه ناضرات بدلت بعد لون الحسن لونا كالقتام وشموس طالعات أفلت بعد ذاك النور منها بالظلام ومنيف شامخ بنيانه لين الأعطاف مهتز القوام أف للدنيا فما شيمتها غير نقض العقد أو خفر الذمام فاستعدوا الزاد تنجوا واعملوا صالحا من قبل تقويض الخيام يا متعلقا بزخرف يروق بقاؤه كلمح البروق يا مضيعا في الهوى واجبات الحقوق تبارز الخالق وتستحي من المخلوق يا مؤثرا أعلى العلالي ساترا ذلك الفسوق ألا سترى ذلك الفسوق يا متولها مهاد الهوى وهو في سجن الردى مرموق إبك على نفسك العليلة فإنك بالبكاء محقوق عجبا لمن رأى فعل الموت لصحبه وأيقن بتلفه وما قضى نحبه وسكن الإيمان بالآخرة في قلبه ونام غافلا على جنبه ونسي جزءاه على جرمه وذنبه وأعرض إلى ريه من الهوى عن ربه كأني به وقد سقي كأس حمام يستغيث من شربه وأفرده الموت عن أهله وسربه ونقله إلى قبره ذل فيه بعد عجبه فياذا اللب جز على قبره وعج به لقد خرقت المواعظ المسامع وما أراه انتفع به السامع لقد بدا نور المطالع لكنه أعمى المطالع ولقد بانت العبر بآثار الغير لمن اغتر بالمصارع فما بالها لا تسكب المدامع يا عجبا لقلب عند ذكر الحق غير خاشع لقد نشبت فيه مخالب المطامع يا من شيبه قد أتى هل ترى ما مضى من العمر براجع انتبه لما بقي وانته وراجع فالهول عظيم والحساب شديد والطريق شاسع إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع

أن يقتل الإنسان نفسه

قال الله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا قال الواحدي في تفسير هذه الآية ولاتقتلوا أنفسكم أي لا يقتل بعضكم بعضا لأنكم أهل دين واحد فأنتم كنفس واحدة هذا قول ابن عباس والأكثرين وذهب قوم إلى أن هذا نهي عن قتل الإنسان نفسه ويدل على صحة هذا ما أخبرنا ابو منصور محمد بن محمد المنصوري بإسناده عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة وأنا في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت فصليت بأصحابي الصبح فذكرت ذلك للنبي فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته الذي منعني من الاغتسال فقلت إني سمعت الله يقول ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك رسول الله ولم يقل شيئا فدل هذا الحديث على أن عمرو تأول هذه الآية هلاك نفسه لا نفس غيره ولم ينكر ذلك عليه النبي قوله ومن يفعل ذلك كان ابن عباس يقول الإشارة تعود إلى كل ما نهي عنه من أول السورة إلى هذا الموضع وقال قوم الوعيد راجع إلى أكل المال بالباطل وقتل النفس المحرمة وقوله تعالى عدوانا وظلما مع العدوان أن يعدو ما أمر الله به وكان ذلك على الله يسيرا أي أنه قادر على إيقاع ما توعد به من إدخال النار وعن جندب بن عبدالله عن النبي أنه قال كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحذ بها يده فما رقأالدم حتى مات قال الله تعالى بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة مخرج في الصحيحين وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن نزل من جبل فقتل نفسه فهو ينزل في نار جهنم خالدا فيها أبدا مخرج في الصحيحين وفي حديث ثابت بن الضحاك قال قال رسول الله لعن المؤمن كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وفي الحديث الصحيح عن الرجل الذي آلمته الجراح فاستعجل الموت فقتل نفسه بذباب سيفه فقال رسول الله هو من أهل النار فنسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم غفور رحيم موعظة ابن آدم كيف تظن أعمالك مشيدة وأنت تعلم أنها مكيدة وكيف تترك معاملة المولى وتعلم أنها مفيدة وكيف تقصر في زادك وقد تحققت أن الطريق بعيدة يا معرضا عنا إلى متى هذا الجفا والإعراض يا غافلا عن الموت والعمر لا شك في انقراض يا مغترا في أمله وأيدي المنايا في أجله تقرضه بمقراض يا مغرورا بصحته وبدنه كل يوم في انتقاض يا من يفني كل يوم بعضه ستفنى والله الأبعاض يا غافلا عن الزاد وقد أنذره بعد السواد البياض يا قليل الاحتراس ونبل المنايا طوال عراض يا من يساق إلى موارد التلف وقد نزحت الحياض يا ضاحكا وعيون الفنا غير غماض لمن هذه الأوقات بين يديه كيف يقدر جفنه على الإغماض

الكذب في غالب أقواله

قال الله تعالى ألا لعنة الله على الكاذبين وقال الله تعالى قتل الخراصون أي الكاذبون وقال تعالى إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال قال رسول الله إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا وفي الصحيحين أيضا أنه قال آية المنافق ثلاث وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وقال عليه الصلاة والسلام أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منها كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وفي صحيح البخاري في حديث منام النبي قال فأتينا على رجل مضطجع لقفاه وآخر قائم عليه بكلوب من حديد يشرشر شدقه إلى قفاه وعيناه إلى قفاه ثم يذهب إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل في الجانب الأول فما يرجع إليه حتى يصح مثل ما كان فيفعل به كذلك إلى يوم القيامة فقلت لهما من هذا فقالا إنه كان يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق وقال يطبع المؤمن على كل شيء ليست الخيانة والكذب وفي الحديث إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث وقال ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر العائل الفقير وقال ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به الناس فيكذب ويل له ويل له ويل له وأعظم من ذلك الحلف كما أخبر الله تعالى عن المنافقين بقوله ويحلفون على الله الكذب وهم يعلمون وفي الصحيح أن رسول الله قال ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ما يمنعه ابن السبيل ورجل بايع رجلا سلعة فحلف بالله لأخذتها بكذا وكذا فصدقه وأخذها وهو على غير ذلك ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها وفى له وإن لم يعطه لم يف له وقال كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب وفي الحديث أيضا من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد وقال رسول الله فرى الفرى على الله أن يري الرجل عينيه ما لم تريا معناه أن يقول رأيت في منامي كيت وكيت ولم يكن رأى شيئا وقال ابن مسعود رضي الله عنه لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى ينكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه فيكتب عند الله من الكاذبين فينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة فإن في السكوت سلامة والسلامة لا يعدلها شيء وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت فهذا الحديث المتفق على صحته نص صريح في أنه لا ينبغي للإنسان أن يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا وهو الذي ظهرت مصلحته للمتكلم قال أبو موسى قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده وفي الصحيحين إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها أي ما يفكر فيها بأنها حرام يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب وفي موطأ الإمام مالك من رواية بلال بن الحارث المزني أن رسول الله قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها له رضوانه إلى يوم يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه والأحاديث الصحيحة بنحو ما ذكرنا كثيرة وفيما أشرنا إليه كفاية وسئل بعضهم كم وجدت في ابن آدم من العيوب فقال هي أكثر من أن تحصى والذي أحصيت ثمانية آلاف عيب ووجدت خصلة إن استعملها سترت العيوب كلها وهي حفظ اللسان جنبنا الله معاصيه واستعملناه فيما يرضيه إنه جواد كريم موعظة أيها العبد لا شيء أعز عليك من عمرك وأنت تضيعه ولا عدو لك كالشيطان وأنت تطيعه ولا أضر من موافقة نفسك وأنت تصافيها ولا بضاعة سوى ساعات السلامة وأنت تسرف فيها لقد مضى من عمرك الأطايب فما بقي بعد شيب الذوائب يا حاضر البدن والقلب غائب اجتماع العيب الشيب من جملة المصائب يمضي زمن الصبا وحب الحبائب كفى زاجرا واعظا تشيب منه الذوائب يا غافلا فإنه أفضل المناقب أين البكا لخوف العظيم الطالب أين الزمان الذي ضاع في الملاعب نظرت فيه آخر العواقب كم في القيامة مع دمع ساكب على ذنوب قد حواها كتاب الكاتب من لي إذا قمت في موقف المحاسب وقيل لي ما صنعت في كل واجب كيف ترجو النجاة وتلهو بأسر الملاعب إذا أتتك الأماني بظن الكاذب الموت صعب شديد مر المشارب يلقي شره بكأس صدور الكتائب فانظر لنفسك وانتظر قدوم الغائب يأتي بقهر ويرمي بسهم صائب يا آملا أن تبقى سليما من النوائب بنيت بيتا كنسيج العناكب أين الذين علوا متون الركايب ضاقت بهم المنايا سبل المذاهب وأنت بعد قليل حليف المصايب فانظر وتفكر وتدبر قبل العجايب

القاضي السوء

قال الله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وقال الله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون وقال الله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون روى الحاكم بإسناده وفي صحيحه عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه عن النبي أنه قال لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله وصحح الحاكم أيضا من حديث بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله القضاة ثلاثة قاض في الجنة وقاضيان في النار قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة وقاض عرف الحق فجار متعمدا فهو في النار وقاض قضى بغير علم فهو في النار قالوا فما ذنب الذي يجهل قال ذنبه أن لا يكون قاضيا حتى يعلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين وقال الفضيل بن عياض رحمه الله ينبغي للقاضي أن يكون يوما في القضاء ويوما في البكاء على نفسه وقال محمد بن واسع رحمه الله أول من يدعى يوم القيامة إلى الحساب القضاة وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله يقول يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يود أنه لم يقض بين اثنين في تمرة وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله قال إن القاضي ليزل في زلقة في جهنم أبعد من عدن وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول ليس من وال ولا قاض إلا يؤتى به يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز وجل على الصراط ثم تنشر سريرته فتقرأ على رؤوس الخلائق فإن كان عدلا نجاه الله بعدله وإن كان غير ذلك انتفض به ذلك الجسر انتفاضا فصار بين كل عضو من أعضائه مسيرة كذا وكذا ثم ينخرق به الجسر إلى جهنم وقال مكحول لو خيرت بين القضاء وبين ضرب عنقي لاخترت ضرب عنقي على القضاء وقال أيوب السختياني إني وجدت أعلم الناس أشدهم هربا منه وقيل للثوري إن شريحا قد استقضي فقال أي رجل قد أفسدوه ودعا مالك بن المنذر محمد بن واسع ليجعله على قضاء البصرة فأبى فعاوده وقال لتجلسن وإلا جلدتك فقال إن تفعل فإنك سلطان وإن ذليل الدنيا خير من ذليل الآخرة وقال وهب بن منبه إذا هم الحاكم بالجور أو عمل به أدخل الله النقص على أهل مملكته حتى في الأسواق والأرزاق والزرع والضرع وكل شيء وإذا هم بالخير أو العدل أدخل الله البركة في أهل مملكته كذلك وكتب عامل من عمال حمص إلى عمر بن عبدالعزيز رضي الله تعالى عنه أما بعد فإن مدينة حمص قد تهدمت واحتاجت إلى إصلاح فكتب إليه عمر حصنها بالعدل ونق طرقها من الجور والسلام قال ويحرم على القاضي أن يحكم وهو غضبان وإذا اجتمع في القاضي قلة علم وسوء قصد وأخلاق زعرة وقلة ورع فقد تم خسرانه ووجب عليه أن يعزل نفسه ويبادر بالخلاص فنسأل الله العفو والعافية والتوفيق لما يحب ويرضى إنه جواد كريم موعظة يا من عمره كلما زاد نقص يا من يأمن ملك الموت وقد اقتص با مائلا إلى الدنيا هل سلمت من النقص يا مفرطا في عمره هل بادرت الفرص يا من إذا ارتقى في منهاج الهدى ثم لاح له الهوى نكص من لك يوم الحشر عند نشر القصص عجبا لنفس بالليل هاجعة ونسيت أهوال يوم الواقعة ولأن تقرعها المواعظ فتصغي لها سامعة ثم تعود الزواجر عنها ضائعة والنفوس غدت في كرم الكريم طامعة وليست له في حال من الأحوال طائعة والأقدام سعت في الهوى في طرق شاسعة بعد أن وضحت من الهدى سبل واسعة والهمم شرعت في مشارع الهوى متنازعة لم تكن مواعظ العقول لها نافعة وقلوب تضمر التوبة إذا فزعت بزواجر رادعة ثم تعود إلى ما لا يحل مرارا متتابعة

أخذ الرشوة على الحكم

قال الله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون أي لا تدلوا بأموالكم إلى الحكام أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقا لغيركم وأنتم تعلمون أنه لا يحل لكم وعن أبي هريرة قال قال رسول الله لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وعن عبدالله بن عمرو لعن رسول الله الراشي والمرتشي قال العلماء فالراشي هو الذي يعطي الرشوة والمرتشي هو الذي يأخذ الرشوة وإنما تلحق اللعنة الراشي إذا قصد بها أذية مسلم أو ينال بها ما لا يستحق أما إذا أعطى ليتوصل إلى حق له ويدفع عن نفسه ظلما فإنه غير داخل في اللعنة وأما الحاكم فالرشوة عليه حرام أبطل بها حقا أو دفع بها ظلما وقد روي في حديث آخر إن اللعنة على الرائش أيضا وهو الساعي بينهما وهو تابع للراشي في قصده خيرا لم تلحقه اللعنة وإلا لحقته فصل ومن ذلك ما روى أبو داود في سننه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى بابا كبيرا من أبواب الربا وعن ابن مسعود قال السحت أن تطلب لأخيك الحاجة فتقضى فيهدي إليك هدية فتقبلها منه وعن مسروق أنه كلم ابن زياد في مظلمة فردها فأهدى إليه صاحب المظلمة وصيفا فردها ولم يقبلها وقال سمعت ابن مسعود يقول من رد عن مسلم مظلمة فأعطاه على ذلك قليلا أو كثيرا فهو سحت فقال الرجل يا أبا عبدالرحمن ما كنا نظن أن السحت إلا الرشوة في الحكم فقال ذلك كفر نعوذ الله منه ونسأل الله العفو والعافية من كل بلاء ومكروه الحكاية عن الإمام أبي عمر الأوزاعي رحمه الله وكان يسكن ببيروت أن نصرانيا جاء إليه فقال إن والي بعلبك ظلمني بمظلمة وأريد أن تكتب إليه وأتاه بقلة عسل فقال الأوزاعي رحمه الله إن شئت رددت القلة وكتبت لك إليه وإن شئت أخذت القلة فكتب له إلى الوالي أن ضع عن هذا النصراني من خراجه فأخذ القلة والكتاب ومضى إلى الوالي فأعطاه الكتاب فوضع عنه ثلاثين درهما بشفاعة الإمام رحمه الله وحشرنا في زمرته موعظة عباد الله تدبروا العواقب واحذروا قوة المناقب واخشوا عقوبة المعاقب وخافوا سلب السالب فإنه والله طالب غالب أين الذين قعدوا في طلب المنى وقاموا وداروا على توطئة دار الرحيل وحاموا ما أقل ما لبثوا وما أوفى ما أقاموا لقد وبخوا في نفوسهم في قعر قبورهم على ما أسلفوا ولاموا أما والله لو علم الأنام لما خلقوا لما هجعوا وناموا لقد خلقوا لأمر لو رأته عيون قلوبهم تاهوا وهاموا ممات ثم قبر ثم حشر وتوبيخ وأهوال عظام ليوم الحشر قد عملت رجال فصلوا من مخافته وصاموا ونحن إذا أمرنا أو نهينا كأهل الكهف إيقاظ نيام يا من بأقذار الخطايا قد تلطخ وبآفات البلايا قد تضمخ يا من سمع كلام من لام ووبخ يعقد عقد التوبة حتى إذا أمسى يفسخ يا مطلقا لسانه والملك يحصي وينسخ يا من طير الهوى في صدره قد عشش وفرخ كم أباد الموت ملوكا كالجبال الشمخ كم أزعج قواعد كانت في الكبر ترسخ وأسكنهم ظلم اللحود ومن ورائهم برزخ يا من قلبه من بدنه بالذنوب أوسخ يا مبارزا بالعظائم أتأمن أن يخسف بك أو تمسخ يا من لازم العيب بعد اشتمال الشيب ففعله يؤرخ والحمد لله دائما أبدا

تشبه النساء بالرجال وتشبه الرجال بالنساء

في الصحيح أن رسول الله قال لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء وفي رواية لعن الله الرجلة من النساء وفي رواية قال لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في لبسهم وحديثهم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل والرجل يلبس لبسة المرأة فإذا لبست المرأة زي الرجال من المقالب والفرج والأكمام الضيقة فقد شابهت الرجال في لبسهم فتلحقها لعنة الله ورسوله ولزوجها إذا أمكنها من ذلك أي رضي به ولم ينهها لأنه مأمور بتقويمها على طاعة الله ونهيها عن المعصية لقول الله تعالى قوا أنفسك وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة أي أدبوهم وعلموهم ومروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصية الله كما يجب ذلك عليكم في حق أنفسكم ولقول النبي كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الرجل راع في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة وجاء عن النبي أنه قال ألا هلكت الرجال حين أطاعوا النساء وقال الحسن والله ما أصبح اليوم رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلا أكبه الله تعالى في النار وقال صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا أخرجه مسلم قوله كاسيات أي من نعم الله عاريات من شكرها وقيل هو أن تلبس المرأة ثوبا رقيقا يصف لون بدنها ومعنى مائلات قيل عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه مميلات أي يعلمن غيرهن الفعل المذموم وقيل مائلات متبخترات مميلات لأكتافهن وقيل مائلات يمتشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا ومميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة رؤوسهن كأسنمة البخت أي يكبرنها ويعظمنها بلف عصابة أو عمامة أو نحوهما وعن نافع قال كان ابن عمر وعبدالله بن عمرو عند الزبير بن عبدالمطلب إذ أقبلت امرأة تسوق غنما متنكبة قوسا فقال عبدالله بن عمر أرجل أنت أم امرأة فقالت امرأة فالتفت إلى ابن عمرو فقال إن الله تعالى لعن على لسان نبيه المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهون من الرجال بالنساء ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ من تحت النقاب وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت ولبسها الصباغات والأزر والحرير والأقبية القصار مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها إلى غير ذلك إذا خرجت وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة وهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء قال عنهن النبي اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء وقال ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء فنسأل الله أن يقينا فتنتهن وأن يصلحهن وإيانا بمنه وكرمه موعظة ابن آدم كأنك بالموت وقد فجأك وهجم وألحقك بمن سبقك من الأمم ونقلك إلى بيت الوحدة والظلم ومن ذلك إلى عسكر الموتى مخيمة بين الخيم مفرقا من مالك ما اجتمع ومن شملك ما انتظم ولا تدفعه بكثرة الأموال ولا بقوة الخدم وندمت على التفريط غاية الندم فيا عجبا لعين تنام وطالبها لم ينم متى تحذر مما توعد وتهدد ومتى تضرم نار الخوف في قلبك وتتوقد إلى متى حسناتك تضمحل وسيئاتك تجدد إلى متى لا يهولك زجر الواعظ وإن شدد إلى متى أنت بين الفتور والتواني تتردد متى تحذر يوما فيه الجلود تنطق وتشهد متى تترك ما يفنى فيما لا ينفذ متى تهب بك في بحر الوجد ريح الخوف والرجاء متى تكون في الليل قائما إذا سجا أين الذين عاملوا مولاهم وانفردوا وقاموا في الدجى وركعوا وسجدوا وقدموا إلى بابه في الأسحار ووفدوا وصاموا هواجر النهار فصبروا واجتهدوا لقد ساروا وتخلفت وفاتك ما وجدوا وبقيت في أعقابهم وإن لم تلحق بعدوا يا نائم الليل متى ترقد قم يا حبيبي قد دنا الموعد من نام حتى ينقضي ليله لم يبلغ المنزل أو يجهد فقل لذوي الألباب أهل ألتقى قنطرة العرض لكم موعد

الديوث

المستحسن على أهله والقواد الساعي بين الاثنين بالفساد قال الله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال ثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والديوث ورجلة النساء وروى النسائي أن رسول الله قال ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق لوالديه والديوث الذي يقر الخبث في أهله يعني يستحسن على أهله نعوذ بالله من ذلك قال المصنف رحمه الله تعالى فمن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبته فيها أو لأن لها عليه دينا وهو عاجز أو صداقا ثقيلا أو له أطفال صغار فترفعه إلى القاضي وتطلب فرضهم فهو دون من يعرض عنه ولا خير فيمن لا غيرة له فنسأل الله العافية من كل بلاء ومحنة إنه جواد كريم موعظة أيها المشغول بالشهوات الفانيات متى تستعد لممات آت حتى متى لا تجتهد في إلحاق القوافل الماضيات أتطمع وأنت رهين الوساد في لحاق السادات هيهات هيهات هيهات يا آملا في زعمه اللذات إحذر هجوم هازم اللذات إحذر مكائده فهي كوامن في عدة الأنفاس واللحظات تمضي حلاوة ما أخفيت وبعدها تبقى عليك مرارة التبعات يا حسرة العاصين يوم معادهم لو أنهم سبقوا إلى الجنات لو لم يكن إلا الحياء من الذي ستر العيوب لأكثروا الحسرات يا من صحيفته بالذنوب قد حفت وموازينه بكثرة الذنوب قد خفت أما رأيت أكفاء عن مطامعها كفت أما رأيت عرائس آحاد إلى اللحود قد زفت أما عاينت أبدان المترفين وقد أدرجت في الأكفان ولفت أما عيانت طور الأجسام في الأرحام ومتى تنتبه لخلاص نفسك أيها الناعس متى تعتبر بربع غيرك الدارس أين الأكاسر الشجعان الفوارس وأين المنعمون بالجواري والظباء الخنس الكوانس أين المتكبرون ذوو الوجوه العوابس أين من اعتاد سعة القصور حبس في القبور في أضيق المحابس أين الرافل في أثوابه عري في ترابه عن الملابس أين الغافل في أمله وأهله عن أجله سلبته أكف الخالس أين جامع الأموال سلب المحروس وهلك الحارس حق لمن علم مكر الدنيا أن يهجرها ولمن جهل نفسه أن يزجرها ولمن تحقق نقلته أن يذكرها ولمن غمر بالنعماء أن يشكرها ولمن دعي إلى دار السلام أن يقطع مفاوز الهوى ليحضرها

المحلل والمحلل له

صح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله لعن المحلل والمحلل له قال الترمذي والعمل على ذلك عند أهل العلم منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبدالله بن عمر وهو قول الفقهاء من التابعين ورواه الإمام أحمد في مسنده والنسائي في سننه أيضا بإسناد صحيح وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل رسول الله عن المحلل فقال لا إلا نكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله عز وجل حتى يذوق العسيلة ورواه أبو إسحاق الجوزجاني وعن عقبة بن عامر قال قال رسول الله ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له رواه ابن ماجه بإسناد صحيح وعن ابن عمر أن رجلا سأله فقال ما تقول في امرأة تزوجتها أحلها لزوجها لم يأمرني ولم يعلم فقال له ابن عمر لا إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها وإن كرهتها فارقتها وإنا كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله وأما الآثار عن الصحابة والتابعين فقد روى الأثرم وابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما وسئل عمر بن الخطاب عن تحليل المرأة لزوجها فقال ذلك السفاح وعن عبدالله بن شريك العامري قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما وقد سئل عن رجل طلق ابنة عم له ثم ندم ورغب فيها فأراد رجل أن يتزوجها ليحلها له فقال ابن عمر كلاهما زان وإن مكثا عشرين سنة أو نحو ذلك إذا كان يعلم أنه يريد أن يحللها وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سأله رجل فقال ابن عمي طلق امرأته ثلاثا ثم ندم فقال ابن عمك عصى ربه فأندمه وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا فقال كيف ترى في رجل يحلها له فقال من يخادع الله يخدعه وقال إبراهيم النخعي إذا كان نية أحد الثلاثة الزوج الأول أو الزوج الآخر أو المرأة التحليل فنكاح الآخر باطل ولا تحل للأول وقال الحسن البصري إذا هم أحد الثلاثة بالتحليل فقد أفسد وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول فقال لا تحل وممن قال بذلك مالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان الثوري والإمام أحمد وقال إسماعيل بن سعيد سألت الإمام أحمد عن الرجل يتزوج المرأة وفي نفسه أن يحللها لزوجها الأول ولم تعلم المرأة بذلك فقال هو محلل وإذا أراد بذلك الإحلال فهو ملعون ومذهب الشافعي رحمه الله إذا شرط التحليل في العقد بطل العقد لأنه عقد بشرط قطعه دون غايته فبطل كنكاح المتعة وإن وجد الشرط قبل العقد فالأصح الصحة وإن عقد كذلك ولم يشرط في العقد ولا قبله لم يفسد العقد وإن تزوجها على أنه إذا أحلها طلقه ففيه قولان أصحهما أنه يبطل ووجه البطلان أنه شرط يمنع صحته دوام النكاح فأشبه التأقيت وهذا هو الأصح في الرافعي ووجه الثاني أنه شرط فاسد قارن العقد فلا يبطل كما لو تزوجها بشرط أن لا يتزوج عليها ولا يسافر بها والله أعلم فنسأل الله أن يوفقنا لما يرضيه ويجنبنا معاصيه إنه جواد كريم غفور رحيم موعظة لله در قوم تركوا الدنيا قبل تركها وأخرجوا قلوبهم بالنفر عن ظلام شكلها التقطوا أيام السلامة فغنموا وتلذذوا بكلام مولاهم فاستسلموا لأمره وسلموا وأخذوا مواهبه بالشكر وتسلموا هجروا في طاعته لذيذ الكرى وهربوا إليه من جميع الورى وآثروا طاعته إيثار من علم ودري ورضوا فلم يعترضوا على ما جرى وباعوا أنفسهم فيا نعم البيع ويا نعم الشراء أسلموا إليه لما سلموا الروح وخدموه والصدر لخدمته مشروع وقرعوا بابه وإذا الباب مفتوح وواصلوا البكاء فالجفن بالدمع مقروح وقاموا في الأسحار قيام من يبكي وينوح وصبروا على مقطعات الصوف ولبس المسوح وراضوا أنفسهم فإذا المذموم ممدوح تعرفهم بسيماهم عليهم آثار الصدق تلوح قد عبقوا بنشر أنسه رائحة ارتياحهم تفوح من طيب الثنا روائح لهم بكل مكان تستنشق ممسكة النفحات إلا أنها وحشية لسواهم لا تعبق

عدم التنزه من البول

وهو شعار النصارى قال الله تعالى وثيابك فطهر وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستبرئ من البول أي لا يتحرز منه مخرج في الصحيحين وقال رسول الله استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه رواه الدارقطني ثم إن من لم يتحرز من البول في بدنه وثيابه فصلاته غير مقبولة وروى الحافظ أبو نعيم في الحلية عن شقي بن ماتع الأصبحي عن رسول الله قال أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون ما بين الحميم والجحيم ويدعون بالويل والثبور ويقول أهل النار لبعضهم البعض ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى قال فرجل مغلق عليه تابوت من جمر ورجل يجر أمعاءه ورجل يسيل فمه قيحا ودما ورجل يأكل لحمه قال فيقال لصاحب التابوت ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إن الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس ثم يقال للذي يجر أمعاءه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إن الأبعد كان لا يبالي أين ما أصاب البول منه ولا يغسله ثم يقال للذي يسيل فمه قيحا ودما ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إن الأبعد كان ينظر كل كلمة قبيحة فيستلذها وفي رواية كان يأكل لحوم الناس ويمشي بالنميمة ثم يقال للذي يأكل لحمه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس يعني بالغيبة فنسأل الله العفو والعافية بمنه وكرمه إنه أرحم الراحمين موعظة أيها العبيد تذكروا في مصارع الذين سبقوا وتدبروا في عواقبهم أين انطلقوا واعلموا أنهم قد تقاسموا وافترقوا أما أهل الخير فسعدوا وأما أهل الشر فشقوا فانظر لنفسك قبل أن تلقى ما لقوا والمرء مثل هلال عند مطلعه يبدو ضئيلا لطيفا ثم يتسق يزداد حتى إذا ما تم أعقبه كر الجديدين نقصا ثم يمتحق كان الشباب رداء قد بهجت به فقد تطاير منه للبلا خرق ومات مبتسم جد المشيب به كالليل ينهض في أعجازه الأفق عجبت والدهر لا تفنى عجائبه من راكنين إلى الدنيا وقد صدقوا وطالما نغصت بالفجع صاحبها بطارق الفجع والتنغيض قد طرقوا دار لعهد بها الآجال مهلكة وذو التجارب فيها خائف فرق يا للرجال لمخدوع بباطلها بعد البيان ومغرور بها يثق أقول والنفس تدعوني لزخرفها أين الملوك ملوك الناس والسوق أين الذين لذاتها جنحوا قد كان قبلهم عيش ومرتفق أمست مساكنهم قفرا معطلة كأنهم لم يكونوا قبلها خلقوا يا أهل لذة دار لا بقاء لها إن اغترارا بظل زائل حمق

الرياء

قال الله تعالى مخبرا عن المنافقين يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا وقال الله تعالى فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون وقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس الآية وقال الله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا أي لا يرائي بعمله وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد في سبيل الله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جريء وقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم وقرأت ليقال هو قارئ ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار رواه مسلم وقال من سمع سمع الله به ومن يرائي يراءى به قال الخطابي معناه من عمل عملا على غير إخلاص إنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأنه يشهره ويفضحه فيبدو عليه ما كان يبطنه ويسره من ذلك والله أعلم وقال عليه الصلاة والسلام اليسير من الرياء شرك وقال أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فقيل وما هو يا رسول الله قال الرياء يقول الله تعالى يوم يجازي العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءونهم بأعمالكم فانظروا هل تجدون عندهم جزاء وقيل في قول الله تعالى وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون قيل كانوا عملوا أعمالا كانوا يرونها في الدنيا حسنات بدت لهم يوم القيامة سيئات وكان بعض السلف إذا قرأ هذه الآية يقول ويل لأهل الرياء وقيل إن المرائي ينادى به يوم القيامة بأربعة أسماء يا مرائي يا غادر يا فاجر يا خاسر اذهب فخذ أجرك ممن عملت له فلا أجر لك عندنا وقال الحسن المرائي يريد أن يغلب قدر الله فيه هو رجل سوء يريد أن يقول الناس هو صالح فكيف يقولون وقد حل من ربه محل الأردياء فلا بد من قلوب المؤمنين أن تعرفه وقال قتادة إذا راءى العبد يقول الله انظروا إلى عبدي كيف يستهزئ بي وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نظر إلى رجل وهو يطأطى رقبته فقال يا صاحب الرقبة إرفع رقبتك ليس الخشوع في الرقاب إنما الخشوع في القلوب وقيل إن أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده ويدعو فقال له أبو أمامة أنت أنت لو كان هذا في بيتك وقال محمد بن المبارك الصوري أظهر السمت بالليل فإنه أشرف من إظهاره بالنهار لأن السمت بالنهار للمخلوقين والسمت بالليل لرب العالمين وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للمرائي ثلاث علامات يكسل إذا كان وحده وينشط إذا كان في الناس ويزيد في العمل إذا أثني عليه وينقص إذا ذم به وقال الفضيل بن عياض رحمه الله ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما فنسأل الله المعونة والإخلاص في الأعمال والأقوال والحركات والسكنات إنه جواد كريم موعظة عباد الله إن أيامكم قلائل ومواعظكم قواتل فليخبر الأواخر الأوائل وليستيقظ الغافل قبل سير القوافل يا من يوقن أنه لا شك راحل وما له زاد ولا رواحل يا من لج في لجة الهوى متى ترتقي إلى الساحل هل انتبهت من رقاد شامل وحضرت المواعظ بقلب غير غافل وقمت في الليل قيام عاقل وكتبت بالدموع سطور الرسائل تخفي بها زفرات الندم والوسائل وبعثتها في سفينة دمع سائل لعلها ترسي على الساحل وأسفا لمغرور جهول غافل لقد أثقل بعد الكهولة بالذنب الكاهل وقد ضيع البطالة وبذل الجاهل وركن إلى ركوب الهوى ركبة مائل يبني البنيان ويشيد المعاقل وهو عن ذكر قبره متشاغل ويدعي بعد هذا أنه عاقل تالله لقد سبقه الأبطال إلى أعلى المنازل وهو يؤمل في بطالته فوز العامل وهيهات هيهات ما فاز باطل بطائل أيها المعجب فخرا بمقاصير البيوت إنما الدنيا محل لقيام وقنوت فغدا تنزل بيتا ضيقا بعد النحوت بين أقوام سكوت ناطقات في الصموت فارض في الدنيا بثوب ومن العيش بقوت واتخذ بيتا ضعيفا مثل بيت العنكبوت ثم قل يا نفس هذا بيت مثواك فموتي

التعلم للدنيا وكتمان العلم

قال الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء يعني العلماء بالله عز وجل قال ابن عباس يريد إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني وقال مجاهد والشعبي العالم من خاف الله تعالى وقال الربيع بن أنس من لم يخش الله فليس بعالم وقال الله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون نزلت هذه الآية في علماء اليهود وأراد بالبينات الرجم والحدود والأحكام وبالهدى أمر محمد عليه الصلاة والسلام ونعته من بعد ما بيناه للناس أي بني إسرائيل في الكتاب أي في التوراة أولئك يعني الذين يكتمون يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون قال ابن عباس كل شيء لا الجن والإنس وقال ابن مسعود ما تلاعن اثنان من المسلمين إلا رجعت تلك اللعنة على اليهود والنصارى الذيك يكتمون أمر محمد وصفته وقال الله تعالى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون قال الواحدي نزلت هذه الآية في يهود المدينة أخذ الله ميثاقهم في التوراة ليبينن شأن محمد ونعته ومبعثه ولا يخفونه وهو قوله تعالى لتبيننه للناس ولا تكتمونه وقال الحسن هذا ميثاق الله تعالى على علماء اليهود أن يبينوا للناس ما في كتابهم وفيه ذكر رسول الله وقوله فنبذوه وراء ظهورهم قال ابن عباس أي ألقوا ذلك الميثاق خلف ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا يعني ما كانوا يأخذونه من سفلتهم برياستهم في العلم وقوله فبئس ما يشترون قال ابن عباس قبح شراؤهم وخسروا وقال رسول الله من تعلم علم مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يعني ريحها رواه أبو داود وقد مر حديث أبي هريرة في الثلاثة الذين يسحبون إلى النار أحدهم الذي يقال له إنما تعلمت ليقال عالم وقد قيل وقال من ابتغى العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء أو تقبل أفئدة الناس إليه فإلى النار وفي لفظ أدخله الله النار أخرجه الترمذي وقال من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار وكان من دعاء رسول الله أعوذ بك من علم لا ينفع وقال من تعلم علما لم يعمل به لم يزده العلم إلا كبرا وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله يجاء بالعالم السوء يوم القيامة فيقذف في النار فيدور بقصبه كما يدور الحمار بالرحا فيقال له بما لقيت هذا وإنما اهتدينا بك فيقول كنت أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه وقال هلال بن العلاء طلب العلم شديد وحفظه أشد من طلبه والعمل به أشد من حفظه والسلامة منه أشد من العمل به فنسأل الله السلامة من كل بلاء والتوفيق لما يحب ويرضى إنه جواد كريم موعظة ابن آدم متى تذكر عواقب الأمور متى ترحل الرحال عن هذه القصور إلى متى أنت في جميع ما تبني تدور أين من كان من قبلكم في المنازل والدور أين من ظن بسوء تدبيره أنه لا يحور رحل والله الكل فاجتمعوا في القبور واستوطنوا أخشن المهاد إلى نفخ الصور فإذا قاموا إلى فصل القضاء والسماء تمور كشفوا الحجاب المخفي وهتك المستور وظهرت عجائب الأفعال وحصل ما في الصدور ونصب الصراط فكم من قدم عثور ووضعت عليه كلاليب لخطف كل مغرور وأصبحت وجوه المتقين تشرق كالبدور وباءوا بتجارة لن تبور ودعا أهل الفجور بالويل والثبور وجيء بالنار تقاد بالأزمة وهي تفور إذ ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور ليس في الدنيا لمن آمن بالبعث سرور إنما يفرح جهول أو كفور إنما الدنيا متاع كل ما فيها غرور فتذكر هول يوم السما فيه تمور

الخيانة

قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون قال الواحدي رحمه الله تعالى نزلت هذه الآية في أبي لبابة حين بعثه رسول الله إلى بني قريظة لما حاصرهم وكان أهله وولده فيهم فقالوا يا أبا لبابة ما ترى لنا إن نزلنا على حكم سعد فينا فأشار أبو لبابة إلى حلقه أي أنه الذبح فلا تفعلوا فكانت تلك منه خيانة لله ورسوله قال أبو لبابة فما زالت قدماي من مكاني حتى عرفت أني خنت الله ورسوله وقوله وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون عطف على النهي أي ولا تخونوا أماناتكم قال ابن عباس الأمانات الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد يعني الفرائض يقول لا تنقضوها قال الكلبي أما خيانة الله ورسوله فمعصيتهما وأما خيانة الأمانة فكل واحد مؤتمن على ما افترضه الله عليه إن شاء خانها وإن شاء أداها لا يطلع عليه أحد إلا الله تعالى وقوله وأنتم تعلمون أنها أمانة من غير شبهة وقال تعالى إن الله لا يهدي كيد الخائنين أي لا يرشد كيد من خان أمانته يعني أنه يفتضح في العاقبة بحرمان الهداية وقال عليه الصلاة والسلام آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وقال رسول الله لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له والخيانة قبيحة في كل شيء وبعضها شر من بعض وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم وعن رسول الله أنه قال أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وفي الحديث أيضا يطبع المؤمن على كل شيء ليس الخيانة والكذب وقال رسول الله يقول الله أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه وفيه أيضا أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه وقال رسول الله إياكم والخيانة فإنها بئست البطانة وقال عليه الصلاة والسلام هكذا أهل النار وذكر منهم رجلا لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه وقال ابن مسعود يؤتى يوم القيامة بصاحب الأمانة الذي خان فيها فيقال له أد أمانتك فيقول أنى يا رب وقد ذهبت الدنيا قال فتمثل له كهيئتها يوم أخذها في قعر جهنم ثم يقال له إنزل إليها فأخرجها قال فينزل إليها فيحملها على عاتقه فهي عليه أثقل من جبال الدنيا حتى إذا ظن أنه ناج هوت وهوى في أثرها أبد الآبدين ثم قال الصلاة أمانة والوضوء أمانة والغسل أمانة والوزن أمانة والكيل أمانة وأعظم ذلك الودائع اللهم عاملنا بلطفك وتداركنا بعفوك موعظة عباد الله ما أشرف الأوقات وقد ضيعتموها وما أجهل النفوس وقد أطعتموها وما أدق السؤال عن الأموال فانظروا كيف جمعتموها وما أحفظ الصحف بالأعمال فتدبروا ما أودعتموها قبل الرحيل عن القليل والمناقشة عن النقير والقتيل قبل أن تنزلوا بطون اللحود وتصيروا طعاما للدود في بيت بابه مسدود ولو قيل فيه للعاصي ما تختار لقال أعود ولا أعود أين أهل الديار من قوم نوح ثم عاد من بعدهم وثمود بينما القوم في النمارق والاستبرق أفضت إلى التراب الخدود وصحيح أضحى يعود مريضا وهو أدنى للموت ممن يعود

المنان

قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى قال الواحدي هو أن يمن بما أعطى وقال الكلبي بالمن على الله في صدقته والأذى لصاحبها وفي الصحيح أن رسول الله قال ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب المسبل هو الذي يسبل إزاره أو ثيابه أو قميصه أو سراويله حتى تكون إلى القدمين لأنه قال ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار وفي الحديث ايضا ثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان رواه النسائي وفيه أيضا لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولا منان والخب هو المكر والخديعة والمنان هو الذي يعطي شيئا أو يتصدق به ثم يمن به وجاء عن النبي أنه قال إياكم والمن بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر ثم تلا رسول الله قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى وسمع ابن سيرين رجلا يقول لآخر أحسنت إليك وفعلت وفعلت فقال له ابن سيرين أسكت فلا خير في المعروف إذا أحصي وكان بعضهم يقول من بمعروفه سقط من شكره ومن أعجب بعمله حبط أجره وأنشد الشافعي رحمه الله تعالى لا تحملن من الأنام بأن يمنوا عليك منه واختر لنفسك حظها واصبر فإن الصبر جنه منن الرجال على القلوب أشد من وقع الأسنه وأنشد أيضا بعضهم فقال وصاحب سلفت منه إلي بد أبطأ عليه مكافاتي فعاداني لما تيقن أن الدهر حاربني أبدى الندامة مما كان أولاني أفسدت بالمن ما قدمت من حسن ليس الكريم إذا أعطى بمنان موعظة يا مبادرا بالخطايا ما أجهلك إلى متى تغتر بالذي أمهلك كأنه قد أهملك فكأنك بالموت وقد جاء بك وأنهلك وإذا الرحيل وقد أفزعك الملك وأسرك البلا بعد الهوى وعقلك وندمت على وزر عظيم قد أثقلك يا مطمئنا بالفاني ما أكثر زللك ويا معرضا عن النصح كأن النصح ما قيل لك أين حبيبك الذي كان وأين انتقل أما وعظك التلف في جسده والمقل أين كثير المال أين طويل الأمل أما خلا وحده في لحده بالعمل أين من جر ثوبه الخيلاء غافلا ورفل أما سافر به وإلى الآن ما وصل أين من تنعم في قصره فكأنه في الدنيا ما كان وفي قبره لم يزل أين من تفوق واحتفل غاب والله نجم سعوده وأفل أين الأكاسرة والجبابرة العتاة الأول ملك أموالهم سواهم والدنيا دول

التكذيب بالقدر

قال الله تعالى إنا كل شيء خلقناه بقدر قال ابن الجوزي في تفسيره في سبب نزولها قولان أحدهما أن مشركي مكة أتوا رسول الله يخاصمونه في القدر فنزلت هذه الآية انفرد بإخراجه مسلم وروى أبو أمامة أن هذه الآية في القدرية والقول الثاني أن أسقف نجران جاء إلى رسول الله فقال يا محمد تزعم أن المعاصي بقدر وليس كذلك فقال أنتم خصماء الله فنزلت هذه الآية إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وروى عمر بن الخطان عن رسول الله قال إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة أمر مناديا فنادى نداء يسمعه الأولون والآخرون أين خصماء الله فتقوم القدرية فيؤمر بهم إلى النار يقول الله ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وإنما قيل لهم خصماء الله لأنهم يخاصمون في أنه لا يجوز أن يقدر المعصية على العبد ثم يعذبه عليها وروى هشام بن حسان عن الحسن قال والله لو أن قدريا صام حتى يصير كالحبل ثم صلى حتى يصير كالوتر لكبه الله على وجهه في سقر ثم قيل له ذق مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر قال قال رسول الله كل شيء بقدر حتى العجز والكيس وقال ابن عباس كل شيء خلقناه بقدر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون قال ابن جرير فيها وجهان أحدهما أن تكون بمعنى المصدر فيكون المعنى والله خلقكم وعملكم والثاني أن تكون بمعنى الذي فيكون المعنى والله خلقكم وخلق الذي تعملونه بأيديكم من الأصنام وفي هذه الآية دليل على أن أفعال العباد مخلوقة والله أعلم وقال الله تعالى فألهمها فجورها وتقواها الإلهام إيقاع الشيء في النفس قال سعيد بن جبير ألزمها فجورها وتقواها وقال ابن زايد جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى وخذلانه إياها للفجور والله أعلم وفي الحديث عن رسول الله أنه قال إن الله من على قوم فألهمهم الخير فأدخلهم في رحمته وابتلى قوما فخذلهم وذمهم على أفعالهم ولم يستطيعوا غير ما ابتلاهم فعذبهم وهو عادل لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله ما بعث الله نبيا قط وفي أمته قدرية ومرجئة إن الله لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله القدرية مجوس هذه الأمة وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله لكل أمة مجوس ومجوس هذه الأمة الذين يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف قال فإذا لقيتهم فأخبرهم أني منهم بريء وأنهم براء مني ثم قال والذي نفسي بيده لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما قبل حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ثم ذكر حديث جبريل وسؤاله النبي قال ما الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خيره وشره قوله أن تؤمن بالله الإيمان بالله هو التصديق بأنه سبحانه وتعالى موجود موصوف بصفات الجلال والكمال منزه عن صفات النقص وأنه فرد صمد خالق جميع المخلوقات متصرف فيها بما يشاء يفعل في ملكه ما يريد والإيمان بالملائكة هو التصديق بعبوديتهم لله بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمر يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون والإيمان بالرسل هو التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى أيدهم الله بالمعجزات الدالة على صدقهم وأنهم بلغوا عن الله تعالى رسالاته وبينوا للمكلفين ما أمرهم الله به وأنه يجب إحترامهم وأن لا يفرق بين أحد منهم والإيمان باليوم الآخر هو التصديق بيوم القيامة وما اشتمل عليه من الإعادة بعد الموت والنشر والحشر والحساب والميزان والصراط والجنة والنار وأنهما دار ثوابه وعقابه للمحسنين والمسيئين إلى غير ذلك مما صح به النقل والإيمان بالقدر هو التصديق بما تقدم ذكره وحاصله ما دل عليه قوله سبحانه والله خلقكم وما تعلمون وقوله إنا كل شيء خلقناه بقدر ومن ذلك قوله في حديث ابن عباس واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ومذهب السلف وأئمة الخلف أن من صدق بهذه الأمور تصديقا جازما لا ريب فيه ولا تردد كان مؤمنا حقا سواء كان ذلك عن براهين قاطعة أو اعتقادات جازمة والله أعلم فصل أجمع سبعون رجلا من التابعين وأئمة المسلمين والسلف وفقهاء الأمصار على أن السنة التي توفي عليها رسول الله أولها الرضا بقضاء الله وقدره والتسليم لأمره والصبر تحت حكمه والأخذ بما أمر الله به والنهي عما نهى الله عنه وإخلاص العمل لله والإيمان بالقدر خيره وشره وترك المراء والجدال والخصومات في الدين والمسح على الخفين والجهاد مع كل خليفة برا وفاجرا والصلاة على من مات من أهل القبلة والإيمان قول وعمل ونية يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والقرآن كلام الله نزل به جبريل على نبيه محمد غير مخلوق والصبر تحت لواء السلطان على ما كان منه من عدل أو جور ولا نخرج على الأمراء بالسيف وإن جاروا ولا نكفر أحدا من أهل القبلة وإن عمل الكبائر إلا إن استحلوها ولا نشهد لأحد من أهل القبلة بالجنة لخير أتى به إلا من شهد له النبي والكف عما شجر بين أصحاب رسول الله وأفضل الخلق بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين ونترحم على جميع أزواج النبي وأولاده وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين فائدة فيها من كلام الناس ما هو كفر صرحت به العلماء منها ما لو سخر باسم من أسماء الله أو بأمره أو وعده أو وعيده كفر ولو قال لو أمرني الله كذا ما فعلت كفر ولو صارت القبلة في هذه الجهة ما صليت إليها كفر ولو قيل له ألا تترك الصلاة فإن الله يؤاخذك فقال لو آخذني بها مع ما في من المرض والشدة لظلمني كفر ولو قال لو شهد عندي الأنبياء والملائكة بكذا ما صدقت كفر ولو قيل له قلم أظافرك فإنها سنة فقال لا أفعل وإن كانت سنة كفر ولو قال فلان في عيني كاليهودي كفر ولو قال إن الله جلس للإنصاف أو قام للإنصاف كفر وجاء في وجه من قال لمسلم لا ختم الله لك بخير أو سلبك الإيمان كفر وجاء أيضا أن من طلب يمين إنسان فأراد أن يحلف بالله فقال أريد أن تحلف بالطلاق كفر واختلفوا في من قال رؤيتي لك كرؤية الموت فقال بعضهم يكفر ولو قال لو كان فلان نبيا ما آمنت به كفر ولو قال إن كان ما قاله صدقا نجونا كفر ولو صلى بغير وضوء استهزاء أو استحلالا كفر ولو تنازع رجلان فقال أحدهما لا حول ولا قوة إلا بالله فقال له الآخر لا حول ولا قوة إلا بالله لا تغني من جوع كفر ولو سمع أذان المؤذن فقال إنه يكذب كفر ولو قال لا أخاف القيامة كفر ولو وضع متاعه فقال سلمته إلى الله فقال له رجل سلمته إلى من لا يتبع السارق كفر ولو جلس رجل على مكان مرتفع تشبيها بالخطيب فسألوه المسائل وهم يضحكون أو قال أحدهم قصعة ثريد خير من العلم كفر ولو ابتلي بمصائب فقال أخذت مالي وولدي وماذا تفعل كفر ولو ضرب ولده أو غلامه فقال له رجل ألست بمسلم فقال لا متعمدا كفر ولو تمنى أن لا يحرم الله الزنا أو القتل أو الظلم كفر ولو شد على وسطه حبلا فسئل عنه فقال هذا زنار فالأكثرون على أنه يكفر ولو قال معلم الصبيان اليهود خير من المسلمين لأنهم يعطون معلمي صبيانهم كفر ولو قال النصراني خير من المجوسي كفر ولو قيل لرجل ما الإيمان فقال لا أدري كفر ومن ذلك ألفاظ مستكرهة مستنكرة وهي لا دين لك لا إيمان لك لا يقين لك أنت فاجر أنت منافق أنت زنديق أنت فاسق ومن ذا وأشباهه كله حرام ويخشى على العبد بها سلب الإيمان والخلود في النار فنسأل الله المنان بلطفه أن يتوفانا مسلمين على الكتاب والسنة إنه أرحم الراحمين موعظة عباد الله أين الذين كنزوا الكنوز وجمعوا وثملوا من الشهوات وشبعوا وأملوا البقاء فما نالوا فيها ما طمعوا وفنيت أعمارهم بما غروا به وخدعوا نصب لهم شيطانهم أشراك الهوى فوقعوا وجاءهم ملك الموت فذلوا وخضعوا وأخرجهم من ديارهم فلا والله ما رجعوا فهم مفترقون في القبور فإذا نفخ في الصور اجتمعوا وكيف قرت لأهل العلم أعينهم أو استلذوا لذيذ العيش أو هجعوا والموت ينذرهم جهرا علانية لو كان للقوم أسماع لقد سمعوا والنار ضاحية لا بد موردهم وليس يدرون من ينجو ومن يقع قد أمست الطير والأنعام آمنة والنون في البحر لا يخشى لها فزع والآدمي بهذا الكسب مرتهن له رقيب على الأسرار يطلع حتى يرى فيه يوم الجمع منفردا وحصمه الجلد والأبصار والسمع وإذ يقومون والأشهاد قائمة والجن والإنس والأملاك قد خشعوا وطارت الصحف في الأيدي منتشرة فيها السرائر والأخبار تطلع فكيف بالناس والأنباء واقفة عما قليل وما تدري بما تقع أفي الجنان وفوز لا انقطاع له أم في الجحيم فلا تبقي ولا تدع تهوي بسكانها طورا وترفعهم إذا رجوا مخرجا من غمها قمعوا طال البكاء فلم ينفع تضرعهم هيهات لا رقية تغني ولا جزع

التسمع على الناس وما يسرون

قال الله تعالى ولا تجسسوا قال ابن الجوزي رحمه الله قرأ أبو زيد والحسن والضحاك وابن سيرين بالحاء قال أبو عبيدة التجسس والتحسس واحد وهو البحث ومنه الجاسوس وقال يحيى بن أبي كثير التجسس بالجيم عن عورات الناس وبالحاء الاستماع لحديث القوم قال المفسرون التجسس البحث عن عيب المسلمين وعوراتهم فالمعنى لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه ليطلع عليه إذا ستره الله وقيل لابن مسعود هذا الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرا قال إنا نهينا عن التجسس فإن يظهر لنا شيء نأخذ به وقال رسول الله من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة أخرجه البخاري والآنك الرصاص المذاب نعوذ بالله منه ونسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى إنه جواد كريم موعظة عباد الله إن المنايا قد دقت واقتربت فالنفوس رهينة قد جمعت وتعبت كأنكم بأكف الردى قد أخذت وسلبت رب شمس طالعة على القبر قد غربت يا فراخ الفنا فخاخ البلى قد نصبت عباد الله كل المعاصي قد سطرت وكتبت والنفوس رهينة بما جنت واكتسبت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت يا من يغتر بالأماني والآمال الكواذب ومبارز بالقبايح وما يدري من يحارب يا حاضر البدن غير أن القلب غائب أرضيت أن تفوتك الخيرات والرغائب يا من عمره يفنى في ممره ويسري كالنجائب يا من شاب وما تاب هذا من العجائب يا عجبا كيف نام المطلوب وما غفل الطالب

النمام

وهو من ينقل الحديث بين الناس على جهة الإفساد بينهم هذا بيانها وأما أحكامها فهي حرام بإجماع المسلمين وقد تظاهرت على تحريمها الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة قال الله تعالى ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم وفي الصحيحين أن رسول الله قال لا يدخل الجنة نمام وفي الحديث أن رسول الله مر بقبرين قال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أنه كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة فشقها إثنتين وغرز في كل قبر واحدة وقال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا وقوله وما يعذبان في كبير أي ليس بكبير تركه عليهما أو ليس بكبير في زعمهما ولهذا قال في رواية أخرى بلى إنه كبير وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ومن كان ذا لسانين في الدنيا فإن الله يجعل له لسانين من نار يوم القيامة ومعنى من كان ذا لسانين أي يتكلم مع هؤلاء بكلام وهؤلاء بكلام وهو بمعنى صاحب الوجهين قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله إنما تطلق في الغالب على من ينم قول الغير إلى المقول فيه بقوله فلان يقول فيك كذا وليست النميمة مخصوصة بذلك بل حدها كشف ما يكره كشفه سواء كره المنقول عنه أو المنقول إليه أو ثالث وسواء أكان الكشف بالقول أو الكتابة أو الرمز أو الإيماء أو نحوها وسواء كان من الأقوال أو الأعمال وسواء كان عيبا أو غيره فحقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه وينبغي للإنسان أن يسكت عن كل ما رآه من أحوال الناس إلا ما في حكايته فائدة للمسلمين أو دفع معصية قال وكل من حملت إليه نميمة وقيل له قال فيك فلان كذا وكذا لزمه ستة أحوال الأول أن لا يصدقه لأنه نمام فاسق وهو مردود الخبر الثاني أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح فعله الثالث أن يبغضه في الله عز وجل فإنه بغيض عند الله والبغض في الله واجب الرابع أن لا يظن في المنقول عنه السوء لقوله تعالى إجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم الخامس أن لا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن تحقق ذلك قال الله سبحانه وتعالى ولا تجسسوا السادس أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فلا يحكي نميمته وقد جاء أن رجلا ذكر لعمر بن عبدالعزيز رجلا بشيء فقال عمر يا هذا إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا وإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية هماز مشاء بنميم وإن شئت عفونا عنك فقال العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدا ورفع إنسان رقعة إلى الصاحب بن عباد رحمه الله يحثه فيها على أخذ مال اليتيم وكان له مال كثير فكتب على ظهر الرقعة النميمة قبيحة وإن كانت صحيحة والميت رحمه الله واليتيم جبره الله والمال ثمره الله والساعي لعنه الله وقال الحسن البصري من نقل إليك حديثا فاعلم أنه ينقل إلى غيرك حديثك وهذا مثل قول الناس من نقل إليك نقل عنك فاحذره وقال ابن المبارك ولد الزنا لا يكتم الحديث أشار به إلى أن كل من لا يكتم الحديث ومشى بالنميمة دل على أنه ولد الزنا إستنباطا من قول الله تعالى عتل بعد ذلك زنيم والزنيم هو الدعي وروي أن بعض السلف الصالحين زار أخا له وذكر له عن بعض إخوانه شيئا يكرهه فقال له يا أخي أطلت الغيبة وأتيتني بثلاث جنايات بغضت إلي أخي وشغلت قلبي بسببه واتهمت نفسك الأمينة وكان بعضهم يقول من أخبرك بشتم عن أخيك فهو الشاتم لك وجاء رجل إلى علي بن الحسين رضي الله عنهما فقال إن فلانا شتمك وقال عنك كذا وكذا فقال اذهب بنا إليه فذهب معه وهو يرى أنه ينتصر لنفسه فلما وصل إليه قال يا أخي إن كان ما قلت في حقا فغفر الله لي وإن كان ما قلت في باطلا فغفر الله لك وقيل في قول الله تعالى حمالة الحطب يعني امرأة أبي لهب أنها كانت تنقل الحديث بالنميمة سمى النميمة حطبا لأنها سبب العداوة كما أن الحطب سبب لاشتعال النار ويقال عمل النمام أضر من عمل الشيطان لأن عمل الشيطان بالوسوسة وعمل النمام بالمواجهة حكاية روي أن رجلا رأى غلاما يباع وهو ينادي عليه ليس به عيب إلا أنه نمام فقط فاستخف بالعيب واشتراه فمكث عنده أياما ثم قال لزوجة سيده إن سيدي يريد أن يتزوج عليك أو يتسرى وقال أنه لا يحبك فإن أردت أن يعطف عليك ويترك ما عزم عليه فإذا نام فخذي الموسى واحلقي شعرات من تحت لحيته واتركي الشعرات معك فقالت في نفسها نعم واشتغل قلب المرأة وعزمت على ذلك إذا نام زوجها ثم جاء إلى زوجها وقال سيدي إن سيدتي زوجتك قد إتخذت لها صديقا ومحبا غيرك ومالت إليه وتريد أن تخلص منك وقد عزت على ذبحك الليلة وإن لم تصدقني فتناوم لها الليلة وانظر كيف تجيء إليك وفي يدها شيء تريد أن تذبحك به وصدقه سيده فلما كان الليل جاءت المرأة بالموسى لتحلق الشعرات من تحت لحيته والرجل يتناوم لها فقال في نفسه والله صدق الغلام بما قال فلما وضعت المرأة الموسى وأهوت إلى حلقه قام وأخذ الموسى منها وذبحها به فجاء أهلها فرأوها مقتولة فقتلوه فوقع القتال بين الفريقين بشؤم ذلك العبد المشئوم فلذلك سمى الله النمام فاسقا في قوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين موعظة يا من أسره الهوى فما يستطيع له فكاكا يا غافلا عن التلف وقد أدركه إدراكا يا مغرورا بسلامته وقد نصب له الموت أشراكا تفكر في إرتحالك وأنت على حالك فإن لم تبك فتباكى بكيت فما تبكي شباب صباك كفاك نذير الشيب فيك كفاك ألم تر أن الشيب قد قام ناعيا مكان الشباب الغض ثم نعاكا ألم تر يوما مر إلا كأنه بإهلاكه للهالكين عناكا ألا أيها الفاني وقد حان حينه أتطمع أن تبقى فلست هنكا ستمضي ويبقى ما تراه كما ترى فينساك ما خلفته هو ذاكا تموت كما مات الذين نسيتهم وتنسى ويهوى الحي بعد هواكا كأنك قد أقصيت بعد تقرب إليك وإن باك عليك بكاكا كأن الذي يحثو عليك من الثرى يريد بما يحثو عليك رضاكا كأن خطوب الدهر لم تجر ساعة عليك إذا الخطب الجليل أتاكا ترى الأرض كم فيها رهون دفينة غلقن فلم يقبل لهن فكاكا

اللعان

قال النبي سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وقال لعن المؤمن كقتله أخرجه البخاري وفي صحيح مسلم عن رسول الله أنه قال لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة وقال عليه الصلاة والسلام لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا وفي الحديث ليس المؤمن بطعان ولا بلعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء والبذيء هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام وعن رسول الله قال إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن إن كان أهلا لذلك وإلا رجعت إلى قائلها وقد عاقب النبي من لعنت ناقتها بأن سلبها إياها قال عمران بن حصين بينما رسول الله في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله فقال خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة قال عمران فكأني أنظر إليها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد أخرجه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم وعن عمرو بن قيس قال إذا ركب الرجل دابته قالت اللهم إجعله بي رفيقا رحيما فإذا لعنها قالت على أعصانا لله ورسوله لعنة الله عز وجل فصل في جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين المعروفين قال الله تعالى ألا لعنة الله على الظالمين وقال ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين وثبت عن رسول الله أنه قال لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه وإنه قال لعن الله المحلل والمحلل له وأنه قال لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة فالواصلة هي التي تصل شعرها والمستوصلة هي التي يوصل لها والنامصة هي التي تنتف الشعر من الحاجبين والمتنمصة التي يفعل بها ذلك وأنه لعن الصالقة والحالقة والشاقة فالصالقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة والحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة والشاقة هي التي تشق ثيابها عند المصيبة وأنه لعن المصورين وأنه لعن من غير منار الأرض أي حدودها وأنه قال لعن الله من لعن والديه ولعن من سب أمه وفي السنن أنه قال لعن الله من أضل أعمى عن الطريق ولعن الله من أتى بهيمة ولعن الله من عمل عمل قوم لوط وأنه لعن من أتى كاهنا أو أتى امرأة في دبرها ولعن النائحة ومن حولها ولعن من أم قوما وهم له كارهون ولعن الله امرأة باتت وزوجها عليها ساخط ولعن رجلا سمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجب ولعن من ذبح لغير الله ولعن السارق ولعن من سب الصحابة ولعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ولعن المرأة تلبس لبسة الرجل والرجل يلبس لبسة المرأة ولعن من سل سخيمته على الطريق يعني تغوط على طريق الناس ولعن السلتاء والمرأة السلتاء التي لا تخضب يديها والمرأة التي لا تكتحل ولعن من خبب امرأة على زوجها أو مملوكا على سيده يعني أفسدها أو أفسده ولعن من أتى حائضا أو امرأة في دبرها ولعن من أشار إلى أخيه بحديدة ولعن مانع الصدقة يعني الزكاة ولعن من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه ولعن من كوى دابة في وجهها ولعن الشافع والمشفع في حد من حدود الله إذا بلغ الحاكم ولعن المرأة إذا خرجت من دارها بغير إذن زوجها ولعنها إذا باتت هاجرة فراش زوجها حتى ترجع ولعن تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا أمكنه ولعن الفاعل والمفعول به يعني اللواط ولعن الخمرة وشاربها وساقيها ومستقيها وبائعها ومبتاعها عاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها والدال عليها وقال ستة لعنتهم لعنهم الله وكل نبي مجاب الدعوة المكذب بقدر الله والزائد في كتاب الله والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله ويذل من أعزه الله والمستحل لحرم الله والمستحل من عترتي ما حرم الله والتارك لسنتي ولعن الزاني بامرأة جاره ولعن ناكح يده ولعن ناكح الأم وبنتها ولعن الراشي والمرتشي في الحكم والرائش يعني الساعي بينهما ولعن من كتم العلم ولعن المحتكر ولعن من أخفر مسلما يعني خذله ولم ينصره ولعن الوالي إذا لم يكن فيه رحمة ولعن المتبتلين من الرجال الذين يقولون لا نتزوج والمتبتلات من النساء ولعن راكب الفلاة وحده ولعن من أتى بهيمة نعوذ بالله من لعنته ولعنة رسوله فصل إعلم أن لعن المسلم المصون حرام بإجماع المسلمين ويجوز لعن أصحاب الأوصاف المذمومة كقولك لعن الله الظالمين لعن الله الكافرين لعن الله اليهود والنصارى لعن الله الفاسقين لعن الله المصورين ونحو ذلك كما تقدم وأما لعن إنسان بعينه ممن إتصف بشيء من المعاصي كيهودي أو نصراني أو ظالم أو زان أو سارق أو آكل ربا فظواهر الأحاديث إنه ليس بحرام وأشار الغزالي رحمه الله إلى تحريمه إلا في حق من علمنا أنه مات على الكفر كأبي لهب وأبي جهل وفرعون وهامان وأشباههم قال لأن اللعن هو الإبعاد عن رحمة الله وما ندري ما يختم به لهذا الفاسق والكافر قال وأما الذين لعنهم رسول الله بأعيانهم كما قال اللهم العن رعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوا وهذه ثلاث قبائل من العرب فيجوز أنه علم موتهم على الكفر قال ويقرب من اللعن الدعاء على الإنسان بالشر حتى الدعاء على الظالم كقول الإنسان لا أصح الله جسمه ولا سلمه الله وما جرى مجراه وكل ذلك مذموم وكذلك لعن جميع الحيوانات والجمادات لهذا كله مذموم قال بعض العلماء من لعن من لا يستحق اللعن فليبادر بقوله إلا أن يكون لا يستحق فصل ويجوز للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وكل مؤدب أن يقول لمن يخاطبه في ذلك ويلك أو يا ضعيف الحال أو يا قليل النظر لنفسه أو يا ظالم نفسه أو ما أشبه ذلك بحيث لا يتجاوز إلى الكذب ولا يكون فيه لفظ قذف صريح أو كناية أو تعريض ولو كان صادقا في ذلك وإنما يجوز ما قدمناه ويكون الغرض من ذلك التأديب والزجر ويكون الكلام أوقع في النفس والله أعلم اللهم نزه قلوبنا عن التعلق بمن دونك واجعلنا من قوم تحبهم ويحبونك واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين موعظة يا قليل الزاد والطريق بعيد يا مقبلا على ما يضر تاركا لما يفيد أتراك يخفى عليك الأمر الرشيد إلى متى تضيع الزمان وهو يحصى برقيب وعتيد مضى أمسك الماضي شهيدا معدلا وأعقبه يوم عليك شهيد فإن كنت بالأمس إقترفت إساءة فبادر بإحسان وأنت حميد ولا تبق فضل الصالحات إلى غد فرب غد يأتي وأنت فقيد إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت حميمك فاعلم أنها ستعود

الغدر وعدم الوفاء بالعهد

قال الله تعالى وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا قال الزجاج كل ما أمر الله به أو نهى عنه فهو من العهد وقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود قال الواحدي قال ابن عباس في رواية الولبي العهود يعني ما أحل وما حرم وما فرض وما حد في القرآن وقال الضحاك بالعهود التي أخذ الله على هذه الأمة أن يوفوا بها مما أحل وحرم وما فرض من الصلاة وسائر الفرائض والعهود وكذا العهود جمع عهد العقد بمعنى المعقود وهو الذي أحكم ما فرض الله علينا فقد أحكم ذلك ولا سبيل إلى نقضه بحال وقال مقاتل بن حيان أوفوا بالعقود التي عهد الله إليكم في القرآن مما أمركم به من طاعته أن تعملوا بها ونهيه الذي نهاكم عنه وبالعهود الذي بينكم وبين المشركين وفيما يكون من العهد بين الناس والله أعلم وقال النبي أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر مخرج في الصحيحين وقال رسول الله لكل غادر لواء يوم القيامة يقال هذا غدرة فلان ابن فلان وقال رسول الله يقول الله عز وجل ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل إستأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره أخرجه البخاري وقال رسول الله من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية أخرجه مسلم وقال رسول الله من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر

تصديق الكاهن والمنجم

قال الله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا قال الواحدي في تفسير قوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم قال الكلبي لا تقل ما ليس لك به علم وقال قتادة لا تقل سمعت ولم يسمع ورأيت ولم تر وعلمت ولم تعلم والمعنى لا تقولن في شيء بما لا تعلم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا قال الوالبي عن ابن عباس يسأل الله العباد فيم استعملوها وفي هذا زجر عن النظر إلى ما لا يحل والاستماع إلى ما يحرم وإرادة ما لا يجوز والله أعلم وقال الله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول قال ابن الجوزي عالم الغيب هو الله عز وجل وحده لا شريك له في ملكه فلا يظهر أي فلا يطلع على غيبه الذي لا يعلمه أحد من الناس إلا من ارتضى من رسول لأن الدليل على صدق الرسل إخبارهم بالغيب والمعنى أن من ارتضاه للرسالة أطلعه على ما شاء من الغيب ففي هذا دليل على أن من زعم أن النجوم تدل على الغيب فهو كافر والله أعلم وقال رسول الله من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد وروينا في الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلاة الصبح في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس بوجهه فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب قال العلماء إن قال مسلم مطرنا بنوء كذا يريد أن النوء هو الموجد والفاعل المحدث للمطر صار كافرا مرتدا بلا شك وإن قال مريدا أنه علامة نزول المطر وينزل المطر عند هذه العلامة ونزوله بفعل الله خلقه لم يكفر واختلفوا في كراهته والمختار أنه مكروه لأنه من ألفاظ الكفار وهذا ظاهر الحديث وقوله في أثر سماء السماء هنا المطر والله أعلم وقال رسول الله من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوما رواه مسلم وعن عائشة رضي الله عنها قالت سأل رسول الله أناس عن الكهان فقال ليس بشيء قالوا يا رسول الله أليس قد قال كذا وكذا فقال رسول الله تلك الكلمة من الحق يحفظها الجني فيقرها في أذن وليه أي يلقيها فيخلط معها مائة كذبة مخرج في الصحيحين وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله يقول إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فيسترق الشيطان السمع فيسمعه فيوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم رواه البخاري وعن قبيصة بن أبي المخارق رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول العيافة والطيرة والطرق من الجبت رواه أبو داود وقال الطرق الزجر أي زجر الطير وهو أن يتيامن أو يتشاءم بطيرانه فإن طار إلى جهة اليمين تيمن وإن طار إلى جهة اليسار تشاءم قال أبو داود العيافة الخط قال الجوهري الجبت كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك وعن ابن عباس قال قال رسول الله من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد وقال علي بن أبي طالب الكاهن ساحر والساحر كافر فنسأل الله العافية والعصمة في الدنيا والآخرة موعظة عباد الله تفكروا في سلفكم قبل تلفكم وانظروا في أموركم قبل حلول قبوركم فتأهبوا للرحيل قبل فوت تحويلكم أين الأقرن الأخوان أين من شيد الإيوان رحلوا والله عن الأوطان ومزقت في اللحود تلك الأكفان هتف نذيرهم بأهل العرفان كل من عليها فان تقلبت بهم الأحوال ولعب بهم في أيدي الليالي وشغلوا عن الأولاد والأموال ونسيهم أحباؤهم بعد ليال عانقوا التراب وفارقوا الأموال فلو أذن لأحدهم في المقال لقال من رآنا فليحدث نفسه أنه وقف على قرب زوال وصروف الدهر لا يبقى لها ولما تأتي به صم الجبال رب ركب قد أناخوا حولنا يشربون الخمر بالماء الزلال والأباريق عليهم قدمت وعتاق الخيل تردى بالجلال عمروا دهرا بعيش ناعم أبيض دهرهم غير محال ثم أضحوا لعب الدهر بهم وكذاك الدهر يودي بالرجال 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حمل القران الكريم صفحة القارئ مشاري راشد العفاسي

  حمل القران الكريم صفحة القارئ مشاري راشد العفاسي صفحة القارئ مشاري راشد العفاسي الصوتيات > القرآن الكريم > القارئ مشاري را...